فضيحة تهريب الدقيق المدعّم في الفشن غياب الرقابة وتواطؤ المسؤولين يهددان قوت المواطنين

كتب محمد محمود
في مشهد يثير القلق ويستدعي التدخل العاجل، تشهد مدينة الفشن جنوب محافظة بني سويف حالة من الانفلات في منظومة توزيع الدقيق البلدي المدعّم، وسط غياب شبه تام للرقابة التموينية وتخاذل واضح من الجهات المعنية.
ففي وضح النهار، وبدون أدنى خوف من المحاسبة، يعمد عدد من أصحاب المخابز البلدية إلى تقليل وزن رغيف الخبز المدعّم إلى أقل من ٤٠ جرامًا، رغم أن الوزن القانوني المحدد هو ٩٠ جرامًا.
هذا التلاعب يتيح لهم توفير أكثر من نصف حصة الدقيق المدعّم، ليُعاد بيعه بشكل غير مشروع، في عملية تهريب منظمة تستنزف الدعم الحكومي المخصص للفئات الأكثر احتياجًا.
وتشير مصادر محلية إلى أن كميات كبيرة من الدقيق تُباع لتجار يقفون أمام مستودع التوزيع، حيث تُعاد تعبئته وتوزيعه على المخابز مرة أخرى، في حلقة فساد مغلقة. وتُستخدم سيارات نقل خاصة لهذا الغرض، ما يعكس وجود شبكة منظمة تعمل على تهريب الدقيق بشكل ممنهج.
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يتفاقم مع حقيقة أن مدير مستودع الدقيق غير مؤهل لإدارة هذا المرفق الحيوي، إذ لا يُجيد القراءة والكتابة، ولا يحمل شهادة محو الأمية، ما يفتح الباب أمام المزيد من التجاوزات. كما أن موقع المستودع على الطريق الدائري السريع (طريق مصر – أسوان) يُشكّل خطرًا كبيرًا على السلامة العامة، وقد تسبب في العديد من الحوادث، كان آخرها حادث مدير الإشغالات، الذي نجا بأعجوبة بفضل العناية الإلهية.
وعند دخول المستودع، يُلاحظ جلوس تجار الدقيق جنبًا إلى جنب مع الموظفين، في مشهد يثير الريبة ويعكس حجم التواطؤ. وقد أصبح من شبه المستحيل إثبات تهريب الدقيق المدعّم، نظرًا لتركه داخل المستودع دون رقابة حقيقية، كما أن “الردة” تُصرف ناقصة الوزن، والدقيق يُسلّم دون الالتزام بالمواصفات.
هذه الممارسات تمثل جريمة مكتملة الأركان في حق المواطن والدولة، وتستدعي تدخلًا عاجلًا من الجهات الرقابية والقيادات التنفيذية لوضع حد لهذا العبث، وضمان وصول الدعم إلى مستحقيه، قبل أن يتحول الأمر إلى أزمة يصعب احتواؤها.

