جريمة الإبعاد القسري … بقلم \ د . محمد عبد الغفار
إعلان العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ووافقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة
إن العملية المزمع تنفيذها تحت مسمى التهجير القسري ما هى إلا إحدى الجرائم البشعة التي تُرْتَكَب ضد الإنسانية وتُعتبر انتهاكًا لقواعد القانون الدولي الإنساني،
وفي حقيقة الأمر هى إبعاد أو نقل قسري يمس حقًا من حقوق الإنسان وينال من حرياته العامة، وحيث يجب أن يتمتع الإنسان بكافة الحقوق الشخصية ومنها الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها من الحقوق،
ويأتي في مقدمة هذه الحقوق؛ الحريات العامة، ويتقدم كل ما سبق حرية الفرد فى بدنه، وهى مُكْنة اختيار طاقته البدنية من سكون وحركة، فالفرد له أن يستقر فى المكان الذى يختاره، وهنا تتجلى حرية المسكن، وله أن يتحرك متنقلًا من مكان إلى آخر فتتجلى حرية التنقل،
وهذا من الحقوق الأساسية اللصيقة بشخصية كل إنسان، وقد أكد ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948م، كما أكده إعلان العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ووافقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 ديسمبر عام 1966م .
غير أننا نجد في كثير من الأحيان إنتهاكات متكررة لهذه الحقوق، وفي عصرنا الحديث نرى تفشي هذه الجريمة النكراء على الرغم من كونها إحدى الجرائم الدولية التي نص عليها النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة، وهذا النظام الأساسي تضمن قواعد قانونية دولية عامة،
كما تضمن قواعد قانونية جنائية، وتتجلى أكثر وضوحًا في القوانين الجنائية الخاصة بكل دولة وفق نظامها القانوني، وتخضع تحت سلطان مبدأ قانوني مهم هو : ( لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص )، وكذلك أسباب الإباحة وموانع المسئولية الجنائية .
ووفقًا للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة فالتهجير القسري هو إبعاد السكان أو النقل القسري لهم متى ارتُكِبَ بطريقة متتابعة ومنظمة أو على نحو واسع النطاق ضد أية مجموعة من السكان المدنيين، ومن ثم تُعَدُ جريمة ضد الإنسانية،
ويكون ذلك بنقل الأشخاص المدنيين قسرًا وجبرًا من المنطقة التي يعيشون فيها بصورة مشروعة وطردهم بأى فعل قسري آخر بدون مبررات يسمح بها القانون الدولي، وكذلك فهو يُشكل انتهاكًا جسيمًا لاتفاقية جنيف الرابعة الصادرة عام 1944م
حيث تنص على أنه : إذا ارْتُكِبَ هذا الفعل ضد الأشخاص الذين تحميهم أحكام هذه الاتفاقية وهم السكان المدنيون، إذا وقع خلال النزاعات المسلحة الدولية، وقد تضمنت اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين أثناء الحرب أنه يُحظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أية دولة أخرى محتلة أو غير محتلة أيًّا كانت دواعيه .
وقد وصفت ذلك اتفاقية جنيف بأنه جريمة حرب .
وبات الأمر واضحًا لكل ذي عينين أن الرئيس الأمريكي ترامب يضرب بكافة القوانين والمواثيق والمعاهدات عُرْضَ الحائط، ويسعى جاهدًا بالتلويح تارة وبالتصريح أُخرى ويمضي قُدُمًا نحو تنفيذ الإبعاد القسري لأهل غزة ومحاولة تسكينهم في الأراضي المصرية والأراضي الأردنية،
وهذا الأمر ينافي كل الأعراف الدولية ويقضي تمامًا على القضية الفلسطينية، ويقف العالم اليوم على شفا حُفرة أمام اختبار حقيقي لمعرفة مدى مصداقية الإلتزام بالقوانين والإعلانات الدولية والمواثيق العالمية .
ومن هنا فإن فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي قد تصدى لهذا المخطط الشيطاني وأعلنها عاليةً مُدوية بأن مصر لا ولن تسمح به ولن تشارك في هذا المخطط الشيطاني الظالم،
ومن خلفه وقف الشعب المصري العظيم وقفة رجلٍ واحد لأن الأمر أصبح يُمَثِلُ اعتداءً على سيادة الدولة المصرية وهذا مالم ولن تسمح به مصر قيادة وحكومة وشعبا تحت أى ظرف، وتحيا مصر حرة أبية، تحيا مصر، تحيا مصر، تحيا مصر .