أحمد الكأس: هدفنا نهائي كأس العالم للناشئين.. ولن نخرج من الدور الأول
السوشيال ميديا قطعتني.. وتعرضت لهجوم قاسٍ من أبناء جيلي

حوار: منى عيد
في زمن أصبحت فيه السوشيال ميديا قادرة على صناعة مجد مدرب أو هدمه في لحظات، أطلق الكابتن أحمد الكأس، المدير الفني لمنتخب الناشئين، تحديًا جريئًا: “لن نخرج من الدور الأول، وهدفنا النهائي”.
تصريحات أشعلت النقاش بين مؤيد ومتحفظ، وتحدي المنطق لكنها تكشف عن ثقة كبيرة في إمكانيات لاعبيه ورهانه على الروح القتالية التي يراها سلاح المنتخب في المونديال.
فكان هذا الحوار مع النجم الاسمر الخلوق للاأهرام العربي، يتحدث الكأس عن كواليس التأهل بعد غياب 27 عامًا،
وتأثير الانتقادات، وأسباب غياب مصر الطويل عن المونديال، وكيفية صناعة جيل جديد قادر على الحلم
■ كيف ترى مستوى الناشئين مقارنة بجيلك الذهبي؟
“المقارنة ظالمة من الأساس، لأن كل جيل له ظروفه وتحدياته الخاصة. نحن في التسعينيات كنا نفتقر للإمكانيات الحديثة،
لم تكن هناك تحليلات بالفيديو أو أجهزة لقياس اللياقة أو برامج متطورة للإعداد البدني والنفسي. كنا نعتمد على موهبتنا وخبرات مدربينا فقط.
أما اليوم، فاللاعب الصغير يملك أدوات لم نحلم بها، لكن في المقابل الضغط أكبر بكثير بسبب الإعلام والسوشيال ميديا.
بعد خسارتنا 5-1 أمام نيجيريا في بطولة شمال إفريقيا، الهجوم كان قاسيًا، ليس فقط من الجمهور، بل من بعض زملائي في جيلي الذين توقعت دعمهم.
لكننا واجهنا هذه العاصفة، وحوّلناها لدافع، ونجحنا في التأهل بعد 27 سنة غياب.”
■ هل أثّر الضغط الإعلامي على أداء المنتخب؟
“بالتأكيد. اللاعب في سن 16 أو 17 يتأثر سريعًا. كلمة قاسية على فيسبوك أو تويتر قد تزعزع ثقته، لكننا عملنا على تحصينهم ذهنيًا.
جلسنا معهم كثيرًا، شرحنا لهم أن النقد جزء من اللعبة، وأن الأهم هو الرد في الملعب.
كان مهمًا أن يفهموا أن القلوب تتقلب سريعًا في كرة القدم: اليوم تنتقدك الجماهير، وغدًا تصفق لك إذا فزت.”
■ ما توقعاتك لمجموعة مصر في البطولة؟
“نحن في مجموعة صعبة تضم إنجلترا وهايتي وفنزويلا، وكل منتخب له أسلوب لعب مميز. إنجلترا تعتمد على القوة والسرعة، فنزويلا تملك مهارات لاتينية مدهشة، وهايتي فريق عنيد.
لكن ما يميزنا هو الروح والإصرار. لن نخرج من الدور الأول، وهدفنا النهائي، وهذا ليس مجرد كلام إعلامي، بل إيمان كامل بقدراتنا.
المهم أن نبدأ البطولة بشكل قوي لأن المباراة الأولى دائمًا ترسم ملامح المشوار.”
■ ما تطلعاتك في كأس العالم للناشئين؟
“هدفنا تقديم صورة مشرفة لكرة القدم المصرية، ليس فقط بالمنافسة، بل بالأداء والسلوك. نريد أن يرى العالم أن مصر لديها جيل يليق باسمها.
أتمنى أن نصل إلى أبعد مرحلة ممكنة، ولو تحقق الحلم ووصلنا للنهائي، سيكون ذلك إنجازًا تاريخيًا.”
■ هل البطولة مجرد عرض للمواهب؟
“لا، هي أكثر من ذلك بكثير. صحيح أن البطولة فرصة لفتح أبواب الاحتراف أمام اللاعبين، لكن بالنسبة لنا هي مدرسة كبيرة في الاحتكاك بالمدارس الكروية المختلفة.
اللاعب الذي يواجه خصومًا من أوروبا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا، يعود بخبرات لا تُقدَّر بثمن، وهذه الخبرات قد تصنع منه نجمًا للمنتخب الأول.”
■ ما سر تأثر الناشئين بمحمد صلاح؟
“محمد صلاح قصة ملهمة لأنه خرج من بيئة بسيطة، لم يلعب للأهلي أو الزمالك، وانطلق من المقاولون العرب ليصبح أحد أفضل لاعبي العالم.
هذه القصة تجعل الناشئين يؤمنون أن الموهبة والعمل الجاد قادران على كسر أي قيود. كثير منهم يقلدون نظامه الغذائي وتدريباته وحتى طريقة تفكيره.”
■ هل ترى أن بعض المواهب تختفي فجأة؟
“للأسف، نعم. كرة القدم الآن أصبحت بيزنس. بعض الأكاديميات تهدف للربح أكثر من اكتشاف المواهب.
الموهوب الفقير قد لا يجد فرصة لأنه لا يملك المال للاشتراك أو السفر للمحافظات الكبرى حيث تُقام الاختبارات. النتيجة أن كثيرًا من النجوم المحتملين يضيعون في الظل.”
■ هل تؤمن بأهمية الجانب النفسي للاعبين؟
“بالتأكيد. التدريب النفسي يساوي الفني تمامًا. اللاعب الواثق من نفسه يلعب بضعف المجهود.
أتعامل معهم كأب، أتابع دراستهم وأسلوب حياتهم، وأغرس فيهم قيم الانضباط والالتزام. كرة القدم ليست مهارة فقط، بل شخصية وروح قتالية.”
■ لماذا غابت مصر عن البطولة 27 عامًا؟
“غياب التخطيط على المدى الطويل هو السبب الأول. لم يكن لدينا نظام ثابت للكشافين، والملاعب المناسبة قليلة، ومعسكرات الإعداد كانت محدودة.
في الماضي كان الكشافون يزورون القرى والنجوع لاكتشاف المواهب، وأنا شخصيًا تم ضمي للأولمبي بهذه الطريقة. اليوم، كثير من المواهب لا تُكتشف إلا بالصدفة.”
■ ما المشكلة الحقيقية في الكرة المصرية الآن؟
“المشكلة أننا نفتقر إلى نظام قومي متكامل لاختيار اللاعبين الصغار. نعتمد على أندية العاصمة بشكل كبير، بينما المحافظات مليئة بالمواهب التي لا تجد من يراها.”
■ هل تؤيد إنشاء أكاديمية وطنية للمواهب مجانًا؟
“بكل تأكيد. الأكاديمية القومية المجانية ستفتح الباب أمام الجميع، وتعيد العدالة في اكتشاف اللاعبين.
تخيل أن كل قرية أو مركز صغير يشارك بلاعب واحد على الأقل في الاختبارات القومية، سنجد كنوزًا كروية حقيقية.”
■ ما أكثر لحظة ندمت على عدم عيشها؟
“كنت أتمنى الفوز بالدوري مع الزمالك. مع الزمالك حققت دوري الأبطال والسوبر، لكن حلم الدوري لم يتحقق.
أما في الاتحاد السكندري، فقد عشت أجمل ذكرياتي وسط جماهير عاشقة تعطيك الإحساس بأنك تلعب في نهائي كل أسبوع.”
■ ما توصياتك لتطوير منتخب الناشئين؟
“أرى أن أهم شيء هو توفير الدعم المادي والمعنوي، وإعادة نظام الكشافين، وإنشاء أكاديميات في كل المحافظات، والاهتمام بالجانب النفسي.
لو طبقنا هذه العناصر، سنبني منتخبات قادرة على المنافسة عالميًا بشكل مستمر، لا أن يكون التأهل حدثًا نادرًا.”
■ هل تتوقع أن يفوز لاعب عربي بالحذاء الذهبي في البطولة؟
“الكرة العربية اليوم قادرة على المنافسة، وأتمنى أن يكون من نصيب لاعب مصري أو عربي. الأمر ليس بعيدًا إذا كان اللاعب مؤهلًا نفسيًا وفنيًا، ولعب في منظومة تدعمه.”
أحمد الكأس لا يرى في كأس العالم للناشئين مجرد بطولة، بل فرصة لكتابة تاريخ جديد باسم مصر،
وإعادة الأضواء إلى جيل يؤمن بقدراته، ويعرف أن المستحيل كلمة لا مكان لها في قاموس الحلم.