
قتلته كلمة
في عالم مواقع التواصل الاجتماعي، أصبح للكلمة أثر قاتل أكثر من السلاح. قبل أيام قليلة، فقدنا الشاب
شريف نصار، أحد صانعي المحتوى على تيك توك، بعد رحلة مؤلمة مع الاكتئاب الذي سببه له التنمر والسخرية
المستمرة من الناس. بدأ الأمر بنكات وتعليقات قاسية، أدات الي الاكتئاب وانتهى به الحال إلى مشاكل صحية
خطيرة في المعدة ثم وفاته المفجعة. قصة شريف تذكرنا جميعًا بأن الكلمات قد تقتل، وقد تسرق إنسانًا كان يومًا مليئًا بالحياة.
➊ ما هو التنمر؟
التنمر هو سلوك عدواني متكرر يهدف إلى إيذاء شخص آخر، سواء نفسيًا أو جسديًا أو اجتماعيًا. قد يكون ذلك
بالكلمات الجارحة، السخرية، الإهانة، أو الاستهزاء بمظهر أو أسلوب حياة الآخرين. التنمر ليس مجرد “مزاح
ثقيل” بل هو اعتداء حقيقي على كرامة الإنسان.
➋ لماذا يتنمر المتنمرون؟
في الغالب، المتنمرون أنفسهم يعانون من مشكلات داخلية:
ضعف في تقدير الذات
الغيرة أو الشعور بالنقص
الرغبة في لفت الانتباه أو السيطرة
تربية قاسية أو بيئة سامة جعلتهم يرون الإهانة قوة
التنمر لا يعبر عن قوة، بل عن ضعف داخلي عميق.
➌ الإسلام وتحريم التنمر
الإسلام دين الرحمة والرفق بالناس.
قال الله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرًا منهم” (سورة الحجرات، آية 11)
كما قال النبي ﷺ: “بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم” (رواه مسلم)
التنمر محرم شرعًا، لما فيه من إذلال وإيذاء نفس بشرية كرّمها الله.
➍ سيكون خصمك أمام الله
حين تظلم إنسانًا بكلمة أو نظرة أو تعليق ساخر، تذكر أن الله لا ينسى. يوم القيامة، ستقف أمامه، وسيطالبك كل من آذيته بكلمة أو أحرجته أو جعلته يبكي في خلوته.
لا تجعل نفسك مفلسًا يوم الحساب، فقد قال النبي ﷺ: “أتدرون من المفلس؟…” (رواه مسلم)
وذكر أن المفلس هو من يأتي يوم القيامة بحسنات، ثم توزع على من ظلمهم حتى يُطرح في النار.
➎ نصائح للمتنمرين
راقب كلماتك كما تراقب أفعالك.فكر: “هل يرضيني أن يقال لي ما أكتبه للآخرين؟”
ساعد على بناء الناس بدلًا من هدمهم.
اعتذر فورًا إن شعرت أنك تجاوزت بحق أحد.
تذكر أن الطيبة قوة وليست ضعفًا.
وفي الختام
الكلمة القاتلة ليست خرافة، بل حقيقة. شريف نصار، رحمه الله، ضحية كلمات جارحة سكنت قلبه حتى أنهكته. قبل أن تكتب تعليقًا أو تطلق نكتة على إنسان، اسأل نفسك:
“ماذا لو كانت هذه الكلمة القاتلة موجهة لي؟”
أنت لا تعرف الحروب التي يخوضها الآخرون داخليًا. فاختر أن تكون نورًا لا نارًا. اجعل وجودك في حياة الآخرين شفاءً، لا ألمًا.