مقالات و رأي

مسؤول غير مسؤول … بقلم / د.رجب عبد اللطيف محمد

رئيس قسم التمية البشرية

مسؤول غير مسؤول:

🥹مصيبة جديدة تضاف إلى سجل الإهمال والتقصير، هذه المرة فاجعة محافظة المنوفية، التي راح ضحيتها 19 بنت من البنات العفيفات التي تبحث عن لقمة العيش بالتعب والجهد هذه الحادثة المروعة كشفت عن وجهٍ قبيحٍ لـمسؤولين غير مسؤولين.

🔘 إنها حلقة جديدة في مسلسل طويل من التهاون الذي يدفع ثمنه المواطنون من أرواحهم ومستقبلهم. هذه الحادثة، وما سبقها وما سيتلوها إن لم تتغير الأمور، ليست مجرد قضاء وقدر، بل هي نتاج مباشر لغياب الرقابة، وتدني مستوى الأداء، وتفشي ظاهرة عدم إتقان العمل.

🔘إن مبدأ إتقان العمل ليس مجرد فضيلة أخلاقية، بل هو ركيزة أساسية لأي مجتمع يسعى للتقدم والازدهار. عندما يتقن كل فرد عمله، من أصغر موظف إلى أعلى مسؤول، فإن ذلك ينعكس إيجابًا على جودة الخدمات، وسلامة البنية التحتية، وحماية الأرواح والممتلكات. وعلى النقيض من ذلك، فإن الإهمال هو آفة تُنخر في جسد الأمة، وتُقوض جهود التنمية، وتُزرع بذور اليأس والإحباط في نفوس المواطنين.

🔘الحادثة الأليمة في المنوفية، بغض النظر عن تفاصيلها المحددة التي قد تتكشف تباعًا، هي بمثابة صرخة مدوية في وجه كل من يتهاون في أداء واجبه. إنها مرآة تعكس حجم التراكمات السلبية الناتجة عن غياب المحاسبة، وتفشي المحسوبية، وضعف الضمير المهني. كيف يمكن لقرارات مصيرية أن تُتخذ من قبل أشخاص لا يملكون الكفاءة أو الحس بالمسؤولية؟ وكيف يمكن لمشاريع حيوية أن تُنفذ دون رقابة صارمة تضمن سلامتها وجودتها؟

🔘إن المشكلة ليست فردية، بل هي منظومية تتطلب تدخلًا جذريًا وشاملًا. لا يمكن الاكتفاء بإلقاء اللوم على أفراد بعينهم، بل يجب مراجعة السياسات والإجراءات، وتفعيل آليات المحاسبة، وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب بصرامة وعدالة.

🔘 يجب أن يعلم كل مسؤول أن منصبه هو أمانة، وأن تقصيره ليس مجرد خطأ عابر، بل هو جريمة بحق المواطنين تستوجب المساءلة.

🔘لقد آن الأوان لأن نتوقف عن التعامل مع مثل هذه الحوادث كحالات فردية. يجب أن نربط بينها وبين الظواهر العامة للإهمال والفساد.

🔘 إن المسؤول الذي يتقاعس عن أداء واجبه، والذي لا يتقن عمله، والذي يتهاون في الإشراف والمتابعة، هو شريك أصيل في أي كارثة تحدث نتيجة لذلك التقصير.

نتمنى أن تكون فاجعة المنوفية نقطة تحول، وأن تُوقظ الضمائر، وأن تدفع الجهات المعنية لاتخاذ خطوات جادة وفعلية لوضع حد لمسلسل “المسؤول غير المسؤول”. فالمواطنون يستحقون أن يعيشوا في بيئة آمنة، وأن يحصلوا على خدمات جيدة، وأن يثقوا بأن هناك من يرعى مصالحهم ويصونها، لا من يتهاون بها ويُعرضها للخطر.

🔘حفظ الله البلاد والعباد من كل مكروه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى