
كتب محمد عبد الجليل
في هذه المناسبة الوطنية الغالية، نحتفل اليوم بالعيد الثامن والخمسين للقوات البحرية المصرية، والذي يوافق ذكرى يوم الحادي والعشرين من أكتوبر عام 1967؛
ذلك اليوم الذي سطّر فيه رجال القوات البحرية صفحة ناصعة من صفحات المجد الوطني، حين أطلقت صواريخ الحق في عرض البحر، فحطمت حاجز الهزيمة بإغراق المدمرة إيلات أمام سواحل مدينة بورسعيد الباسلة.
يومٌ خالدٌ في تاريخ العسكرية المصرية، أكّد للعالم أجمع أن قواتنا المسلحة قادرة على مواجهة أي تحديات
لحماية سيادة الوطن، وأعاد إلى الأمة العربية ثقتها بأن الانتصار ممكن، وأن الإرادة لا تُهزم.
لم يكن ذلك اليوم مجرد انتصار عسكري، بل كان تحولًا جذريًا في مفاهيم القتال البحري على مستوى العالم؛ إذ شهد أول عملية بحرية في التاريخ تُستخدم فيها صواريخ سطح/سطح تُطلق من لنشات صواريخ لتغرق مدمرة بحرية في عملية خاطفة ودقيقة أبهرت العالم، وأثبتت قوة العقيدة القتالية المصرية، وأن البحار مهما اتسعت لا ترهب قلوب الرجال إذا امتلأت بالإيمان والعزم.
نقف اليوم بإجلال أمام تضحيات أولئك الأبطال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه دفاعًا عن الأرض والعِرض، ونجدد العهد أن نكون أمناء على مواصلة المسيرة بإخلاص وتفانٍ.
ونظرًا لما تشهده الساحتان الدولية والإقليمية من تطورات سريعة ومتلاحقة، وما تفرزه من تداعياتٍ للحروب تؤثر سلبًا على دول المنطقة، فقد أولت القيادة العامة للقوات المسلحة، وبدعم كامل من القيادة السياسية الحكيمة، اهتمامًا كبيرًا برفع الكفاءة القتالية وبناء وتطوير القوات البحرية في مختلف المجالات،
سواء في البنية التحتية أو التصنيع العسكري أو امتلاك وحدات بحرية حديثة عالية الاتزان القتالي مزودة بأحدث نظم التسليح، لتصبح القوات البحرية المصرية واحدة من أقوى القوات البحرية في الشرق الأوسط.
ويظل العنصر الأهم في مسيرة البناء والتطوير هو الفرد المقاتل، الذي نحرص على اختياره وفقًا لأعلى المعايير، وتنمية مهاراته وصقل قدراته، للوصول إلى مقاتل محترف قادر بدنيًا وعلميًا وأخلاقيًا على أداء مهامه ومسؤولياته بكفاءة واقتدار.
وفي هذه المناسبة المجيدة، أتوجه بتحية فخر واعتزاز إلى زملائي وأبنائي من الضباط وضباط الصف والجنود والعاملين المدنيين من رجال القوات البحرية،
مؤكدًا أن مقاتلي القوات البحرية سيظلون على أعلى درجات الاستعداد القتالي لحماية سواحلنا الممتدة على البحرين المتوسط والأحمر، وصون مقدرات الدولة داخل مياهنا الإقليمية والاقتصادية، وضمان حرية الملاحة في إطار الالتزام الكامل بالقوانين والأعراف الدولية.
رحم الله شهداءنا الأبرار، وحفظ الله مصر وشعبها العظيم، وحفظ الله قواتنا المسلحة الباسلة على كلمة الحق وقلب رجل واحد.
تحيا مصر… عزيزة، أبية، آمنة.