أغْبَى إِنْسَانٍ فِي الْعَالَمِ … بقلم / د . رجب عبد اللطيف محمد
رئيس قسم التنمية البشرية
غْبَى إِنْسَانٍ فِي الْعَالَمِ
مَنْ هُوَ أَغْبَى إِنْسَانٍ؟
لَيْسَ الْغَبَاءُ أَنْ يَكُونَ لَدَيْكَ نَقْصٌ فِي الْمَعْرِفَةِ، بَلْ أَنْ تَمْتَلِكَ عَقْلَكَ وَوَعْيَكَ، ثُمَّ تَسْتَخْدِمَهُمَا فِي دَعْمِ مَا يَضُرُّكَ وَيُدَمِّرُكَ. وَهَذَا هُوَ حَالُ مَنْ يُرَوِّجُ لِلْفَسَادِ وَالِانْحِلَالِ عَلَى مَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ، سَوَاءٌ بِالْمُشَاهَدَةِ، أَوِ الْإِعْجَابِ، أَوِ الْمُشَارَكَةِ، أَوِ الدِّفَاعِ عَنْهُ تَحْتَ مُسَمَّى “الْحُرِّيَّةِ الشَّخْصِيَّةِ”.
🔶 لِمَاذَا دَعْمُ الْفَسَادِ غَبَاءٌ؟
🔴 لِأَنَّكَ تَحْمِلُ وِزْرَكَ وَوِزْرَ مَنْ يَصِلُهُ الْمَقْطَعُ بِسَبَبِكَ
كُلُّ دَعْمٍ لِمُحْتَوًى فَاسِدٍ يَجْعَلُكَ شَرِيكًا فِي نَشْرِهِ، فَتَتَحَمَّلُ جُزْءًا مِنَ الْإِثْمِ. قَالَ النَّبِيُّ ﷺ:
“مَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا” (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
🔴 لِأَنَّكَ تُسَاهِمُ فِي تَدْمِيرِ نَفْسِكَ وَمُجْتَمَعِكَ
عِنْدَمَا تَدْعَمُ الْفَسَادَ، فَأَنْتَ تُسَاعِدُ فِي نَشْرِ الِانْحِلَالِ الْأَخْلَاقِيِّ الَّذِي يُؤَثِّرُ عَلَى الْعُقُولِ وَالْقِيَمِ، وَيُفْسِدُ الْأَجْيَالَ الْقَادِمَةَ، فَيَنْتَشِرُ الْجَهْلُ، وَتَضْعُفُ الْأَخْلَاقُ، وَيَضِيعُ الْمُسْتَقْبَلُ.
🔴 لِأَنَّكَ تَخْدَعُ نَفْسَكَ وَتَظُنُّ أَنَّكَ “حُرٌّ”، بَيْنَمَا أَنْتَ مُجَرَّدُ أَدَاةٍ
الْإِعْلَامُ الْفَاسِدُ يُرِيدُ مِنْكَ أَنْ تَكُونَ مُجَرَّدَ مُسْتَهْلِكٍ لِلْمُحْتَوَى التَّافِهِ، حَتَّى يُحَقِّقَ الْمَالَ وَالشُّهْرَةَ عَلَى حِسَابِ قِيَمِكَ وَأَخْلَاقِكَ. يَسْرِقُ وَقْتَكَ، وَيُشَوِّهُ مَبَادِئَكَ، ثُمَّ يَرْمِيكَ فِي دَوَّامَةٍ مِنَ اللَّا وَعْيِ وَالضَّيَاعِ.
🔴 لِأَنَّكَ سَتَنْدَمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَمَا تَرَى أَنَّ مَنْ كُنْتَ تُدَافِعُ عَنْهُمْ قَدْ تَخَلَّوْا عَنْكَ
قَالَ اللهُ تَعَالَى:
﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اُتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اُتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ﴾ (الْبَقَرَةُ: 166).
فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، لَنْ يَنْفَعَكَ أَحَدٌ، وَلَنْ يُدَافِعَ عَنْكَ مَنْ كُنْتَ تُبَرِّرُ لَهُمْ، بَلْ سَيَتَبَرَّؤُونَ مِنْكَ، وَيَتْرُكُونَكَ لِمَصِيرِكَ الْمَحْتُومِ.
🔶 كَيْفَ تَحْمِي نَفْسَكَ مِنَ الْغَبَاءِ؟
✅ تَوَقَّفْ عَنْ دَعْمِ أَيِّ مُحْتَوًى فَاسِدٍ، حَتَّى وَلَوْ كَانَ شَائِعًا.
لَا تَجْعَلِ “التَّرِنْدَ” هُوَ مَنْ يَقُودُكَ، بَلْ كُنْ صَاحِبَ مَبْدَإٍ وَوَعْيٍ.
✅ اسْتَثْمِرْ وَقْتَكَ فِي شَيْءٍ يَنْفَعُكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
اِقْرَأْ، تَعَلَّمْ، طَوِّرْ نَفْسَكَ، وَاصْنَعْ لِنَفْسِكَ مُسْتَقْبَلًا مُشْرِقًا.
✅ كُنْ صَاحِبَ وَعْيٍ، وَلَا تَكُنْ تَابِعًا لِمَا يُرَوِّجُ لَهُ الْإِعْلَامُ الْفَاسِدُ.
لَا تُصَدِّقْ كُلَّ مَا يُعْرَضُ عَلَيْكَ، بَلْ فَكِّرْ، وَحَلِّلْ، وَتَأَكَّدْ مِنْ أَنَّ مَا تُشَاهِدُهُ يُضِيفُ لَكَ قِيمَةً.
✅ تَذَكَّرْ أَنَّ كُلَّ “إِعْجَابٍ” أَوْ “مُشَارَكَةٍ” لِمُحْتَوًى سَيِّئٍ تُسَجَّلُ عَلَيْكَ وَسَتُحَاسَبُ عَلَيْهَا أَمَامَ اللهِ.
كُلُّ نَقْرَةٍ مِنْكَ هِيَ شَهَادَةٌ مِنْكَ عَلَى دَعْمِ هَذَا الْمُحْتَوَى، فَهَلْ تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ شَاهِدًا عَلَى الْفَسَادِ؟
🔶 وَفِي الْخِتَامِ
أَغْبَى إِنْسَانٍ هُوَ مَنْ يَرَى الْحَقَّ لَكِنَّهُ يَخْتَارُ الْبَاطِلَ، وَمَنْ يَعْرِفُ طَرِيقَ الْخَيْرِ لَكِنَّهُ يَسْلُكُ طَرِيقَ الْهَلَاكِ. فَلَا تَكُنْ هَذَا الشَّخْصَ!
**كُنْ ذَكِيًّا، وَكُنْ مَسْؤُولًا عَنْ قَرَارَاتِكَ، وَلَا تَكُنْ أَدَاةً لِنَشْر الفساد فتكن من الفاسدين المفسدين

