سجن ثلاثة مقاتلين إسرائيليين من لواء “ناحال” رفضوا الاستمرار في القتال بغزة
لجنود يسحقون في غزة وآخرون ينتحرون لعدم قدرتهم على التحمل

صمت رسمي أمام انتحار الجنود
أثار قرار جيش الاحتلال الإسرائيلي بسجن ثلاثة مقاتلين من لواء “ناحال” رفضوا الاستمرار في القتال داخل قطاع غزة، موجة غضب في أوساط أهالي الجنود ومنظمات مدنية في إسرائيل.
يأتي ذلك وسط اتهامات للقيادة العسكرية الإسرائيلية بانعدام الحس الإنساني والتعامل مع الجنود كـ”أدوات تستهلك ثم تعاقب”.
وبحسب ما أفادت به أمهات الجنود الثلاثة، فقد خدم أبناؤهن في غزة لمدة عام تقريبا، وتعرضوا لصدمات نفسية شديدة نتيجة المعارك وفقدان أصدقاء مقربين.
وعلى الرغم من ذلك، وبدلا من تقديم الرعاية والدعم النفسي، قرر الجيش محاسبتهم عسكريا وإيداعهم في سجن بيت ليد العسكري، حيث تظاهر عدد من الأهالي والمتضامنين أمام بوابته صباح اليوم.
إحدى الأمهات، والدة جندي يعمل كمسعف ميداني، تحدثت لموقع “يديعوت أحرنوت” قائلة: “ابني حمل جثث رفاقه، وشهد مواقف لم يحتملها بشر. وعندما انهار نفسيا وطلب التوقف، زجوا به في السجن بدلا من علاجه. هذه ليست دولة، هذا عقاب للضحايا”.
وأضافت: “ابني كان يزور المقابر في أيام إجازته، ليجلس بجوار أصدقائه الذين قتلوا. هذه كانت طريقته الوحيدة للتنفيث عن آلامه”.
وأوضحت الأم أن ابنها خدم منذ أحداث 7 أكتوبر، وخاض جميع جولات القتال، ومر بخسائر شخصية وعائلية، من مقتل أصدقاء إلى مصرع أقرباء.
جاء قرار سجن المقاتلين الثلاثة في وقت حرج، بعد ساعات من الإعلان عن انتحار جندي آخر، ما زاد من حدة الغضب الشعبي والاتهامات الموجهة للمؤسسة العسكرية بالتقصير في التعامل مع الصدمات النفسية.
وقالت الأم: “اليوم فقط انتحر جندي، وماذا بعد؟ إلى متى تستمرون في سحق أبنائنا؟ لقد انهاروا، لا لجبن فيهم، بل لأنهم بشر”.
ورغم مناشدات العائلات، لم يستجب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي اللواء إيال زامير لمطالبهم بلقائه. وقالت والدة أحد الجنود: “اتصلت بمكتبه صباحا، وأخبروني أنه مشغول حتى منتصف الليل. هل أبناؤنا لا يستحقون عشر دقائق؟”.
وفي بيان رسمي، أكد المتحدث باسم الجيش أن القرار اتخذ بعد لقاء المقاتلين بقائد الكتيبة، وأنه بعد قضاء العقوبة سيتم نقلهم من الخدمة القتالية إلى مهام إدارية غير ميدانية.
وأضاف البيان: “جيش الدفاع الإسرائيلي يعتبر رفض الأوامر أمرا خطيرا، لا سيما أثناء القتال، وسيواصل الحفاظ على الانضباط”.
“أمهات على الجبهة”: انهيار أخلاقي
من جهتها، هاجمت منظمة “أمهات على الجبهة” التي تنشط في الدفاع عن حقوق الجنود، القرار، واعتبرته “شهادة على انهيار القيم في المؤسسة العسكرية”، قائلة: “هؤلاء الجنود أُرسلوا إلى الجبهة دون استعداد كاف،
وأُجبروا على دخول غزة مرة بعد مرة، حتى انهارت صحتهم النفسية. والآن، يعاقبون بالسجن. هذا فشل أخلاقي مدو”.
واختتمت رئيسة المنظمة، المحامية إيليت هشاشار سيدوف، تصريحها بقولها: “أكثر الجيوش أخلاقية في العالم؟ تقوده قيادات بلا قلب”.
يأتي هذا الحدث في وقت تتصاعد فيه الانتقادات الداخلية للجيش الإسرائيلي، خاصة في ظل تحركات حكومية لتوسيع الإعفاءات الممنوحة لليهود الحريديين من الخدمة العسكرية،
ما يفاقم شعور الجنود النظاميين وعائلاتهم بالخذلان والتمييز.
المصدر: يديعوت أحرنوت