أنبوبة البوتاجاز.. مرآة الفقر التي لا تراها الحكومة.بقلم /المستشار محمود فؤاد
ببساطة تعكس تصاعدًا قاسيًا في عبء المعيشة على الفقراء.
في كل دول العالم، تُعامل الحكوماتُ الفقراء بشيء من الرحمة، لأنهم الأضعف في مواجهة الغلاء.
أما في مصر، فيبدو أن المعادلة مقلوبة.
فإذا تأملنا أبسط سلعة تمس حياة المواطن البسيط — أنبوبة البوتاجاز — سندرك حجم التناقض.
فمن يستخدم الأنبوبة اليوم ليس من أصحاب القصور أو سكان الكمباوندات،
بل هم أهالينا في القرى والمناطق الشعبية، وسكان البيوت الصغيرة بالطين (العِشش)،
وأسرٌ محدودة الدخل لم تتمكن من تركيب الغاز الطبيعي،
إما لعجزها المادي أو لعدم وصول الخدمة أصلًا إلى مناطقها.
بمعنى أوضح، مستخدم الأنبوبة هو المواطن المعدوم أو الأقل من المتوسط كثيرًا.
ورغم ذلك، فوجئنا خلال عامٍ ونصف فقط بارتفاعٍ غير مسبوق في سعرها:
من 65جنيهًا في فبراير 2024 إلى 225 جنيهًا في أكتوبر 2025.
أي منطق اقتصادي يبرر هذا القفز الجنوني في سلعةٍ تمس حياة ملايين الفقراء؟
وكيف تنظر الحكومة إلى هؤلاء الناس؟
هل بعين الرحمة والمسؤولية الاجتماعية،
أم بعين الجباية التي لا ترى سوى الأرقام والعجز في الموازنة؟
ولمن لا يتابع عن قرب، فهذه هي مراحل تغيّر سعر أنبوبة الغاز في مصر خلال السنوات الماضية:
عام 2016: ارتفع من 8 إلى 15 جنيهًا (زيادة 87.5%).
عام 2017: ارتفع من 15 إلى 30 جنيهًا (زيادة 100%).
عام 2019: وصل إلى 65 جنيهًا
مارس 2024: ارتفع إلى 100 جنيه.
سبتمبر 2024: ارتفع إلى 150 جنيهًا.
أبريل 2025: ارتفع إلى 200 جنيه.
أكتوبر 2025: وصل إلى 225 جنيهًا للمنزلية و450 جنيهًا للتجارية.
هذه الأرقام لا تحتاج إلى تفسير اقتصادي معقد؛
هي ببساطة تعكس تصاعدًا قاسيًا في عبء المعيشة على الفقراء.
إن الزيادات المتلاحقة في أسعار أنبوبة البوتاجاز ليست مجرد قرار مالي،
بل مؤشر على انفصال السياسات عن واقع البسطاء.
فحين تُثقل كاهل من لا يملك إلا قوت يومه،
تغيب العدالة الاجتماعية وتنهار الثقة بين المواطن والدولة.
ويبقى السؤال الصادق: متى تنظر الحكومة إلى الشعب بعين الرافة، لا بعين الحساب؟

